السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسمع كثيرا من النصارى اعتراضات على بعض أسماء الله الحسنى
وياليتهم بحثوا في كتابهم قبل أن يحاجوننا في ديننا
ومن ضمن اعتراضاتهم ان الله سبحانه وتعالى من أسمائه (الجبار )
ونضع بين ايديكم معنى اسم الله الجبار
أولا: المعنى اللغوى :
الجبر يرجع فى اللغة إلى ثلاثة أصول :
1- أن يغنى الرجل من فقر أو يجبر عظمه من كسر وهذا من الإصلاح .
2- الإكراه والقهر .
3- العز والإمتناع . ومنه نخلة جبارة وهى ما طالت وفاتت اليد .
ومنه تجبر النبات إذا علا واكتهل
ثانيا : وروده فى القرآن والسنة :
فى القرآن الكريم :
ورد اسم الله الجبار فى القرآن الكريم مرة واحدة فى سورة الحشر قال تعالى (هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون )
أما فى السنة :
فقد وردت فى السنة النبوية الشريفة أدلة كثيرة منها ما رواه البخارى من حديث أبى سعيد الخدرى – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال : ( تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته فى السفر نزلا لأهل الجنة )
البخارى فى كتاب الرقاق – باب يقبض الله الأرض يوم القيامة 5/2389(6155)
ثالثا: معنى الاسم فى حق الله تعالى :
*قال ابن جرير : الجبار المصلح أمور خلقه المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم .
*قال قتادة : جبر خلقه على ما يشاء من أمره.
*قال السعدى فى تفسير اسمه تعالى الجبار فى سورة الحشر : الذى قهر جميع العباد وأذعن له سائر الخلق الذى يجبر الكسير ويغنى الفقير .
*قال ابن القيم فى نونيته :
وكذلك الجبار من أوصافه**** *والجبر فى أوصافه قسمـــــان
جبر الضعيف وكل قلب قد غدا***** ذا كســرة فالجبر منه دان
والثانى جبر القهر بالعز الذى***** لا ينبغى لسواه من إنسان
وله مسمى ثالث وهو العلو***** فليس يدنو منه من إنســــان
من قولهم جبارة للنخلة الـ **** عليا التى فاتت لكل بنـــــــــان
فيكون معنى "( الجبار )" على وجوه :
1- (الجبار)===> هو العالى على خلقه , وفعّال من أبنية المبالغة . (على هذا المعنى يكون من صفات الذات )
2- (الجبار)===> هو المصلح للأمور من جبر الكسر إذا أصلحه وجبر الفقير إذا أغناه .
(على هذا المعنى يكون من صفات الفعل )
3- _(الجبار)===> هو القاهر خلقه على ما أراد من أمر ونهى . كما قال تعالى لنبيه –صلى الله عليه وسلم - ((( وما أنت عليهم بجبار ))) أى : لست بالذى تجبر هؤلاء على الهدى ولم تكلف بذلك .
(على هذا المعنى يكون من صفات الفعل )
رابعا: آثار إيمان العبد باسم الله ( الجبار ) .
1- إن الله تعالى هو الجبار الذى له العلو على خلقه , علو الذات وعلو القدر والصفات , وعلو القهر والجبر , لا يدنو منه الخلق إلا بأمره , ولا يشفعون أو يتكلمون إلا من بعد إذنه , لن يبلغوا ضره فيضروه , ولم يبلغوا نفعه فينفعوه ...
2- جبر الله تعالى خلقه على ما أراد أن يكونوا عليه من خَلْقٍ , لا يمتنع عليه شئ منهم أبداً { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون }
3- والله سبحانه جبر خلقه أيضاً على ما شاء من أمرٍ أو نهى , بمعنى أنه شرع لهم من الدين ما ارتضاه هو ,
كما قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلى الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد }
فشرع لهم من الشرائع ما شاء وامرهم باتباعها ونهاهم عن العدول عنها , فمن أطاع فله الجنة ومن عصى فله النار .,
ولم يجبر أحد من خلقه على إيمان أو كفر بل لهم المشيئة فى ذلك
كما قال سبحانه { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر }
وقال تعالى { ونفس وما سوّاها () فألهمها فجورها وتقواها () قد أفلح من زكّاها () وقد خاب من دسّاها }
وهم مع ذلك لا يخرجون عن مشيئته , ولو شاء لهدى الناس جميعا ولم يجعل لهم اختياراً
كما قال سبحانه { أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا }
4- الأرض كلها خبزة بيد الجبار سبحانه وتعالى يوم القيامة كما ورد فى الحديث السابق
خامسا: ذم المخلوق المتصف ب (الجبار) .
وإن كانت هذه النقطة من ضمن آثار إيمان العبد باسم الله ( الجبار ) ولكن وضعت هنا منفردة لتظهر بوضوح .
فلقد مدح الله نفسه باسمه الجبار أما فى حق الخلق فتوعد من يتصف بهذه الصفة ...
فما الفرق ؟؟؟
الله تعالى قهر الجبابرة بجبروته وعلاهم بعظمته لا يجرى عليه حكم حاكم فيجب عليه الإنقياد , ولا يتوجه عليه أمر آمر فيلزمه امتثاله . آمر غير مأمور ...قاهر غير مقهور { لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون }
وأما الخلق فهم موصوفون بصفات النقص مقهورون مجبورون تؤذيهم البقة , وتأكلهم الدودة , وتشوشهم الذبابة , أسير جوعه , وصريع شبعه , ومن تكون هذه صفته كيف يليق به التكبر والتجبر ؟؟؟!!!
وقد أنكرت الرسل على أقوامهم صفة التجبر والتكبر فى الأرض بغير الحق,,,
كما قال تعالى عن هود –صلى الله عليه وسلم – أنه قال لقومه { وإذا بطشتم بطشتم جبارين () فاتقوا الله وأطيعون } إلى أن قال لهم { إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } ولكنهم عاندوا واتبعوا أمر جبابرتهم فهلكوا أجمعين . قال تعالى { وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد }
والتكبر سببا للطبع على القلوب فلا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً قال تعالى{ كذلك يطبع الله على كل قلب متكبرٍ جبار}
وتوعد اللهُ الجبابرة بالعذاب والنكال توعدهم بجهنم وبئس المهاد , قال تعالى { واستفتحوا وخاب كل جبّار عنيد () من ورائه جهنم ويسقى من ماءٍ صديد () يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ }
وقال – صلى الله عليه وسلم – [ يخرج عنقٌ من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول : إنى وكّلت بثلاثة : بكل جبار عنيد , وبكل من دعا مع الله إله آخر , وبالمصورين ]
وقال – صلى الله عليه وسلم – [ تحاجّت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ..........]
سادسا: دعاء الله باسمه (الجبار) .
قال الله تعالى ((( ولله الإسماء الحسنى فادعوه بها )))
***روى الترمذى وصححه الشيخ الألبانى من حديث عبد الله بن عباس –رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كان يقول بين السجدتين : [ اللهم اغفر لى وارحمنى واجبرنى واهدنى وارزقنى ]
قال ابن الأثير : واجبرنى أى : أغننى , من جَبَر الله مصيبته : أى ردّ عليه ما ذهب منه وعوضه , وأصله من جبر الكسر ...
***وعند الطبرانى وحسنه الألبانى من حديث أبى أمامة – رضى الله عنه – قال : ما صليت خلف رسول الله –صلى الله عليه وسلم – وأنا قريب منه إلا سمعته يقول فى دبر كل صلاة : [ اللهم اغفر لى ذنوبى وخطاياى كلها , اللهم انعشنى واجبرنى واهدنى لصالح الأعمال والأخلاق , فإنه لا يهدى لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت ]
***وكان –صلى الله عليه وسلم – أيضا يعظم ربه بهذا الاسم فى الصلاة فى الركوع والسجود كما جاء فى حديث عوف بن مالك الأشجعى أنه كان يقول فى ركوعه : [ سبحان ذى الجبروتِ والملكوتِ والكبرياءِ والعظمة ]
( ما قدروا الله حق قدره )